Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الموقع غير الرسمي لثانوية عبد الرحمان زكي التأهيلية
5 juin 2008

المجزوءة الثانية: الطبيعة والثقافة:المحور الثاني: مشكلة الطبيعة الإنسانية

المحور الثاني: مشكلة الطبيعة الإنسانية

    عندما نتحدث عن الطبيعة الإنسانية فنحن نتحدث عن ماهية الإنسان أي عما هو ثابت فيه وموجود لديه منذ البدء عما هو فطري ويشكل القاسم المشترك بين جميع بني الإنسان –وإن اختلفت ظروفهم و حيثياتهم- ويميزهم عن باقي الحيوانات… ولكن هل للإنسان بالفعل طبيعة ثابتة وخاصة به أم لا؟ ثم إذا كانت للإنسان طبيعة خاصة به وثابتة لديه فهل يكون خاضعا للضرورة- شأن سائر الكائنات الطبيعية الأخرى-أم متمتعا بالحرية؟

جوابا على هذه الأسئلة نجد أنفسنا أمام عدة مواقف فلسفية يمكن إجمالها في ثلاث أطروحات أساسية وهي: الأطروحة الماهوية ثم الأطروحة الوجودية وأخيرا الأطروحة الروسوية (المتأرجحة بينهما).

    فأما الأطروحة الماهوية فترى بأن للإنسان ماهية (أي طبيعة) ثابتة وخاصة به، إذ أنه يولد محملا بها ومن ثم فماهيته سابقة على وجوده، وقد اختلف رواد هذه الأطروحة في تحديد هذه الماهية المميزة للإنسان عن غيره: فهذا ديكارت يرى بأن ماهية الإنسان تتمثل في الفكر/ العقل على اعتبار أن الإنسان عنده حيوان عاقل أو كائن عاقل (Homo Sapiens). أما برغسون فيرى بأنها تتمثل في الضحك وكذا الصناعة، بمعنى أن الإنسان عنده كائن صانع (Homo Faber). في حين يذهب شوبنهاور إلى أن طبيعة الإنسان تتمثل في كونه «حيوانا ميتافيزيقيا» بمعنى كائنا يحل ما فوق الواقعي مكان الواقعي وما وراء الطبيعة مكان الطبيعة، فهو كائن يتجاوز ما هو كائن صوب ما ينبغي أن يكون. بينما يرى إرنست كاسيرر بأن «الإنسان حيوان رامز» على اعتبار أنه يستعيض عن الواقع بالرمز ويستبدل الأشياء بالكلمات والمسميات بالأسماء فيخلق لنفسه عالما رمزيا بديلا عن الواقع المادي…

    وأما الأطروحة الوجودية فتذهب إلى أنه« ليس للإنسان طبيعة ثابتة» أو أن طبيعته هي أن لا طبيعة له. فهذا أحد أبرز مؤسسي الوجودية وهو جان بول سارتر يقول:«تعلن الوجودية (…) أن هناك على الأقل كائنا يسبق الوجود لديه الماهية، كائنا يوجد قبل أن يكون بالإمكان تعريفه بهذا المفهوم أو ذاك، وأن هذا الكائن هو الإنسان (…) لكن ما الذي نعنيه هنا بالقول بأن الوجود سابق على الماهية؟ إن معنى ذلك هو أن الإنسان يوجد أولا، ويلاقي ذاته وينبثق في العالم، ثم يتحدد بعد ذلك، فإن لم يكن الإنسان، وفق ما تتصوره الوجودية، قابلا للتعريف(أو التحديد)، فذلك لكونه في البداية عبارة عن لاشيء. إنه لن يكون إلا فيما بعد، ولن يكون إلا وفق ما سيصنع به نفسه(…) إنه أولا وقبل كل شيء مشروع يعاش بكيفية ذاتية(…) ولا شيء يكون في وجوده سابقا على هذا المشروع». ومعنى هذا أن الإنسان يوجد أولا غير متحدد ولا متعين، ككائن غير ذي طبع أو طابع معين، ككائن لا ماهية ولا طبيعة له… أو "عبارة عن لا شيء" ثم يحقق ماهيته ويكتسب طبيعته بعد وجوده ومن خلال وجوده أي فعل الكينونة(Existence) . فالإنسان إذن لا يتحدد بفعل الماضي (التصور الماهوي) ولا حتى بفعل الحاضر (التصور الروسوي) بل بفعل المستقبل( التصور الوجودي) على اعتبار أن "الإنسان مشروع" والمشروع لا يتحقق إلا فيما يأتي من الزمان «أي أن الإنسان في البدء هو ما يثب نحو المستقبل».

    وأما الأطروحة الروسوية (نسبة لجون جاك روسو) فهي –إن صح التعبير- تقف موقفا وسطا بين الأطروحتين السابقتين(الماهوية والوجودية) إذ أن روسو يرى بأن الإنسان لا يولد محملا بطبيعة ثابتة خاصة به متجلية في ملكة ما من ملكاته كالعقل أو الضحك أو الصنع…الخ(كما ادعت الأطروحة الماهوية). كما أنه لا يولد خاوي الوفاض، " عبارة عن لا شيء" أو " أنه كثلة من لحم و دم " (كما ادعت الأطروحة الوجودية). بل الإنسان يولد محملا باستعدادات وقابليات وإمكانيات قابلة للظهور أو الضمور، وخاضعة لتغيرات الوجود و إكراهات الحياة الاجتماعية. فظروفنا وحياتنا الاجتماعية تعمل إما على إظهار تلكم الاستعدادات وإما على إقبارها. فطبيعة الإنسان إذن ليست كاملة كمالا مطلقا منذ البدء (الماهوية) ولا ناقصة نقصا مطلقا (الوجودية) بل«خاصية الاكتمال هي طبيعة الإنسان» فهذا روسو يقول«هناك صفة أخرى مميزة للنوع تفرق بينهما (يقصد الإنسان والحيوان) ولا يمكن أن تكون موضع نزاع: تلك خاصية التدرج في الاكتمال وهي التي تنمي جميع الخصائص الأخرى بتتابع وبمؤاتاة ظروف الأحوال. وهذه الخاصية تكمن بيننا، في النوع كما في الفرد، بينما أن الحيوان يبلغ، في بضعة أشهر، منتهى ما يكون عليه طول حياته، وأن نوعه يظل بعد ألف سنة على الحال التي كان عليها في السنة الأولى من هذه الألف».

وما قد يتبادر إلى الذهن بعد استعراض هذه الأطروحات الثلاث هو أن الأمر يتعلق بتحديد ما إذا كانت للإنسان طبيعة خاصة به وثابتة أم لا؟ ولكن إذا ما دققنا في الأمر مليا وجدناه يتعدى ذلك ليتساءل عما إذا كان الإنسان خاضعا للضرورة الطبيعية أم هو متمتع بالحرية؟ أهو كائن مخير أم مسير؟

فإن نحن أثبتنا للإنسان طبيعة خاصة أثبتنا في الوقت ذاته أنه محكوم بها ومجبر على الخضوع لها ولا حول ولا قوة له أمامها. بمعنى أن من جبل على طبع ما فطر عليه لا قدرة له على تجاوزه، إذ سيكون عبدا له لا سيدا عليه، ألا يقولون«غلب الطبع التطبع» ؟ (الأطروحة الماهوية).

أما حين ننفي أن تكون للإنسان طبيعة خاصة به وثابتة وأنه إنما يكتسبها بفعل الوجود والكينونة فإننا في الوقت ذاته نقر بأن الإنسان صانع نفسه بنفسه وان أمر حياته بيده وبالتالي فهو مخير لا مجبر أو مسير. وفي هذا يقول سارتر«إن الجبان يصنع من نفسه جبانا والبطل يصنع من نفسه بطلا. وهناك دائما إمكانية لكي يغادر الجبان جبنه والبطل بطولته».

وأما حين نذهب إلى أن ما يوجد أو يولد مع الإنسان إنما هو مجرد استعدادات وقدرات أولية مفتوحة على كل الاحتمالات وقابلة للاستكمال بفعل ظروف الحياة الاجتماعية وإكراهاتها، فإننا-حينها- نقر بأن الإنسان مجبر ومخير في الوقت ذاته: فالضرورة والجبرية الطبيعية تتجلى في أنه لا يمكنه الخروج عن إطار هذه الاستعدادات  الفطرية إذ هو محكوم بها وخاضع لها، ومن جهة أخرى فإن هذه الاستعدادات لا تكتمل وتبلغ مداها إلا بفعل الإرادة الحرة للكائن الإنساني. وهذا ما يقودنا إلى التساؤل عن علاقة الفطري بالمكتسب في الإنسان.

 

Publicité
Publicité
Commentaires
Y
اسباب عذاب القبر<br /> <br /> http://ta3lmpro.blogspot.com/2016/03/islam.html
O
Mrc
N
Mrc Trop
A
mrv beaucoup
H
mrc bazaffff o kantmana t3tiw ktar
Publicité
الموقع غير الرسمي لثانوية عبد الرحمان زكي التأهيلية
Derniers commentaires
Archives
Newsletter
الموقع غير الرسمي لثانوية عبد الرحمان زكي التأهيلية
  • التلميذ كائن بشري متكامل يتميز بقدرة فائقة على خط تصميم مدقق صادر عن قرارة نفسه عبره يقدم مقاربة متماسكة حول مسيرته الدراسية............الاستنتاج الرئيسي هو ان كل تلميذ في مستطاعه ان يقرر مصيره دون تعقيدات التوجيه
  • Accueil du blog
  • Créer un blog avec CanalBlog
Catégories
Publicité