Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الموقع غير الرسمي لثانوية عبد الرحمان زكي التأهيلية
5 juin 2008

المجزوءة الثانية:الطبيعة والثقافة:المحور الثالث: الإنسان والثقافة

المحور الثالث: الإنسان والثقافة

التعايش أم الصراع بين الثقافات والحضارات

لقد أضحى التسليم بالتعددية الثقافية الراهنة من لدن كافة المجتمعات بمثابة تحصيل حاصل. ومرد ذلك إلى عدة أسباب:

1.     أن القضايا التي كانت تحسب في دائرة الشأن الداخلي كقضايا حقوق الأقليات الثقافية والدينية.. أصبحت خارجية من صميم اهتمام الخارج.

2.     أن قضايا عالمية كالتنمية وحركة رؤوس الأموال تحولت إلى قضايا تهم الشأن المحلي لكونها مرتبطة ارتباطا كبيرا بالأمن الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي.

3.     لم تعد السيادة مرتبطة بالقرار السياسي الداخلي، إذ أصبحت تتحكم فيها عوامل خارج الحدود الوطنية ضمن نظام عالمي له قوانين خاصة به.

4.     سيادة ديمقراطية تعدد الثقافات وإصرار مجموعة من المؤسسات الدولية على دفع الدولة إلى احترامها وإيجاد الآليات القانونية والمؤسساتية.

إن التعددية هي ظاهرة إنسانية تاريخية تعرفها كل المجتمعات بسبب اختلاف طبيعة ومصالح البشر، وهذه التعددية لها وجهان:
الأول، إيجابي حيث تصبح التعددية عامل قوة وتعمق التطور السياسي والاجتماعي، وبهذا المعنى يكون فهم التعددية في الدول المتقدمة.
والثاني، سلبي، حيث تصبح التعددية خطرا يهدد الدولة الوطنية والتماسك الاجتماعي، وتفتح الباب أمام الأطماع الخارجية، وهذا هو التوجه السائد للتعددية في كثير من دول العالم الثالث التي تواجه مشكلات الاستقلال ومحاولات الاختراق الخارجي. ولهذا يمكن أن تكون التعددية عامل قوة كما يمكن أن تكون عامل ضعف وذلك حسب الصيغة السياسية المطروحة.
إن التعددية الثقافية إذن إما أن تكون:

*      تعددية عالمية.

*      تعددية داخل دولة تشمل عددا من الإثنيات والمناطق حسب تاريخها.

*      تعددية متعايشة مع ثقافة قوية.

*      تعددية ثقافية مفروضة نتيجة لظروف سياسية خاصة: هجرة جماعية مثلا.

*      تعددية ثقافية ناتجة عن متطلبات اقتصادية (حالة اليد العاملة المهاجرة من أجل كسب لقمة العيش بدولة أخرى)

*      تعددية ثقافية نتيجة لاختيار شخصي (سياحة مثلا أو استقرار في مناطق جديدة)

لهذا تتعدد الثقافات داخل المجتمع الواحد كما تتعدد في نطاق الحضارة الواحدة فتختلف، وتتمايز، مثلما تأتلف أو تتنافر وتتصارع وتتحد وتتنافس لكنها في تحاورها وتجاورها تخلق آليات تعايشها ومعايير التبادليه فيما بينها. غير أن ظاهرة العولمة الراهنة كشفت وتكشف وجود صراع للثقافات والحضارات.

إن للعولمة تاريخا محكوما بتحولات عميقة ترتبط برأسمالية القرن التاسع عشر. وإذا كانت فلسفة الأنوار دافعت عن كونية العقل والإنسان ومبدأ التقدم (كوندورسيه) فإن وضعية أوكوست كونت على الرغم من ثورتها الإبستمولوجية، قد بدأت ترتب أوراق فلسفة جديدة مبنية على فرض نموذج واحد للمعرفة والتطور وواضعة للتاريخ نهاية محددة متمثلة في الهيمنة البورجوازية. هذه الأدلجة الجديدة للفلسفة لصالح هيمنة محددة، شكلت منطلقا خطيرا على الصعيد المعرفي والتاريخي تمثل في وضع حد فاصل بين شعوب متقدمة، عقلانية، وأخرى بدائية ما زالت تعيش المرحلة الميتافيزيقية حسب نظرية المراحل الثلاث الشهيرة لدى كونت.

إن خطاب العولمة الآن يجد سنده الكبير في الأنثروبولوجيا الاستعمارية المتمركزة حول العرق وحول ثنائية شعوب بدائية/شعوب عقلانية متحضرة. كما أن فلسفة هيجل باتت تشكل المنطلق الأساسي لأغلب منظري العولمة، وذلك استنادا إلى أطروحة "نهاية التاريخ". فكونية المطلق الهيجلي سقطت بمجرد وضعه ذاك التمايز الشهير بين الغرب، العقلاني والحر، وما أسماه بالعالم الشرقي المؤسس على أرضية الاستبداد. وكان هذا الفيلسوف العظيم ممهدا لأخطر تصور استشراقي استفادت منه الكثير من النظريات الكليانية والعرقية ضدا على الجدل الهيجلي ذاته.

إن أطروحة نهاية التاريخ والعلاقة الدموية بين العبد والسيد والصدام الحضاري تشكل الخلفية الفلسفية لكل دعاة العولمة. وقد حاول صامويل هانتغتون أن يخفي العلاقة السببية بين نظام العولمة و ظهور أشكال صراع جديدة في البلدان التابعة رغم إقراره بأن "العالم معرض لأزمة هوية شاملة، حيث كل الشعوب والأمم تسعى للإجابة على السؤال: من نحن؟ ويجيبون بالرجوع إلى كل ما هو عزيز عليهم، أجدادهم، دينهم، لغتهم، تاريخهم، قيمهم، عاداتهم، مؤسساتهم، وبالتحامهم في جماعات ثقافية على شكل عشيرة، مجموعة إثنية، مجموعة دينية، أمة وأخيرا على شكل حضارة". لم يكن هذا المفكر سوى فاتحا لفهم غربي مؤسس على الرغبة في استغلال كل التمايزات العرقية والثقافية والدينية لصالح نظام العولمة وذاك بإذكاء الحروب الأهلية والتطاحن الديني وهو الأمر الذي يبين أن نظام العولمة يريد إقرار هيمنة مطلقة وفرض نمط أحادي الجانب في المعرفة والوجود وهو ما تسعى إليه بكل قوة الليبرالية المتوحشة. لقد بات من الواضح أن نظرية العولمة مازالت في حاجة إلى الوضع الأنثروبولوجي الذي تعيشه الشعوب التابعة، من أجل تأييد عملية الاستغلال والاستلاب، وهو الأمر الذي يتطلب ضرورة التفكير في كل إمكانيات التحرر بعيدا عن الخصوصية الضيقة التي لن تبرر إلا سيكولوجيا الخضوع والاضطهاد. فماذا إذن عن علاقة الخصوصية بالهوية الثقافية كمشروع ثقافي بديل يراد له أن يخترق إرادة خطاب العولمة في الهيمنة؟

إن المعارك الثقافية هي أعمق تجربة يمكن لمجتمع أن يخوضها من أجل تجاوز رواسب الماضي وأطر التقليد وآليات الاستلاب الفكري والهيمنة الإيديولوجية. إنها إرادة إحلال هيمنة محل هيمنة أخرى، لكن على أرضية التحرر. وهذا تشهده كل هوية ثقافية فاعلة ومتفاعلة مع الخاص والكوني. إن البعد الثقافي هو معيار أولي لتحديد طبيعة مجتمع ما. و في غياب هوية ثقافية يكرس المجتمع الاستلاب واللافاعلية. وإذا كان المنظور الثقافوي يدافع عن الثقافة كمنطلق وهدف وزاوية نظر، فإنه يغفل تداخل مجموعة عوامل في تدمير ثقافة ما أو نهوض هوية ثقافية. إن الثقافي ليس وحده مؤسسا للوجود، مما يعني أن مناقشة إشكالية الهوية الثقافية لا تبتعد عن طرح قضايا التحرر والتغيير الاجتماعيين والتنمية المستقلة. فمجتمع مركب لا ينحل إلا على أرضية المعارك الشاملة. وبالفعل تعطى الأولوية للجانب الثقافي لكن ليس في انفصلا عن المعارك السياسية والاقتصادية. فمجتمع تآكلت بنيته الاجتماعية والاقتصادية لن ينتج وعيا عقلانيا بالعالم، بل فقط تأجج المكبوت الديني كرفض لواقع استغلالي هيمني متصالح مع نظام العولمة لكن لا ينتج إلا ثقافة البؤس والحرمان. إن المعركة الثقافية لن تنجز إلا داخل سيرورة إنجازات اقتصادية وسياسية، وإلا سيتخرق المجتمع عنصران متضادان هما الأصولية الرافضة للعولمة والغرب والليبرالية في شكل لاعقلاني. ولن يكون التوفيق بين الأصولية والليبرالية في شكل ما يسمى بالوسطية هو المخرج، لأن ذلك سيعيد إنتاج نفس الماضي  دون أدنى تلمس لمكمن الخلل وهو غياب مشروع اجتماعي متكامل وقواه الفاعلة.

إن العولمة هي معركة ثقافية و اقتصادية. فالبحث عن السوق لترويح البضائع لا يتم بمعزل عن تدمير الثقافات "المستضعفة"، كما أن استثمار الرأسمال المالي يرتبط بتوظيف الرأسمال الرمزي في اتجاه العصبية والطائفية والحجاج الديني. مما يؤكد أن الاختراق الثقافي لنظام العولمة لن ينفصل عن تحديد الموقع داخل المنظومة الاقتصادية الكونية. فالعولمة، إذن، لا يمكن اختزالها في الثقافة بل هي استراتيجية معرفية-اقتصادية وسياسية. إنها نسق يلفظ كل من هو دونه أو يبتلعه وفق معدل الربح. كما أن معرفة الهوية الثقافية ليس مجالها هو الثقافي فقط، بل حتى السياسية والاقتصاد. مما يعني أن الثقافي سيبقى لاحقا في الشروط الراهنة للمعرفة الاقتصادية. إذ أن تجدد الرأسمالية المتوحشة سيزيد حتى من الاقتلاع الفكري والثقافي. إن معركة الهوية الثقافية ليست هي الثقافة إذن بل الوجود الاجتماعي بكل مستوياته.

صحيح أن خطاب العولمة يرفض كل تنازل لصالح ثقافات الشعوب غير الغربية. محافظا على التراتبية الثقافية التي دافع عنها الأنثروبولوجي الاستعماري. لكن  الأهم بالنسبة للشعوب هو إقرار تحرر شامل يساهم في كسب رهان الهوية الثقافية الذي هو معركة صعبة وليس مجرد نداء لرفض الوصاية الغربية. ومن المعقول القول بأن آخر ملجإ للدول التابعة هو الثقافة، لكن كيف يتجادل الدفاع عن الثقافي والبحث عن المورد الاقتصادي داخل نظام السوق؟

أثبتت التجارب أن كل تقدم اقتصادي يدفع في اتجاه الانفتاح الثقافي وتصليب الهوية (نموذج الصين، اليابان) وأن كل تخلف وتبعية اقتصادية لا تزيد إلا من فرض البؤس الثقافي. وهنا يكون البحث عن هوية ثقافية داخل نظام التبعية والانفتاح اللاعقلاني والغير مخطط، مجرد ترميم لثقافة ممزقة لن تساهم في معركة التحرر. وإذا كان كل مجتمع مطالب بتحصين ذاته ثقافيا فهو مجبر كذلك على خوض المعارك الاقتصادية لكن في اتجاه التحرر الاجتماعي من كل آليات الاستغلال والاستلاب الداخلية والخارجية.

ينبغي إذن البحث عن سبل التعامل الجدلي والنقدي مع نظام العولمة، وهو الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في مطلب الهوية، ليس على غرار الطرح الخصوصي، أو على شاكلة دعاة الإندماج المطلق في النظام الغربي، بل وفق عملية بناء نقدي للثقافة والرأسمال الرمزي الموجودين بداخل المجتمعات الجنوبية، دون حنين للعبة الرهان على الأصول، أو رغبة في الانكفاء الدراماتيكي داخل شعار الأصالة. إن هوية ثقافية نقدية قادرة على الربط بين الثقافي والاقتصادي والكشف عن مفارقات خطاب العولمة، تبقى هي المدخل لتجاوز الكثير من العوائق المعرفة والسيكولوجية التي حكمت سواء الخطاب التقليدي أو الإيديولوجيا الليبرالية. مما يعني أن بناء هذه الهوية هو نفسه مشروع معرفي لن يستقيم إلا على أرضية النقد والعقلانية والاختلاف.

الأسئلة:

1- ما معنى الطبيعة؟ وما معنى الثقافة؟

2- هل للإنسان طبيعة أم تاريخ؟

3- كيف نفهم أن الإنسان ليس كائنا طبيعيا؟

4- هل للإنسان طبيعة ثابتة؟

5- هل الأكل والنوم والتكاثر ظواهر طبيعية عند الإنسان؟

6- هل بالإمكان التمييز بين ما هو طبيعي وما هو ثقافي في سلوكات الإنسان؟

7- هل الضحك ظاهرة ثقافية؟

8- هل يمكن تحديد بداية الثقافة؟

9- هل ستقضي الثقافة على الطبيعة؟

10- هل يمكن الحديث عن شعوب بدون ثقافة؟

11- هل يمكن التسليم بأن المجتمعات الغربية متقدمة ثقافيا وحضاريا عن قبائل الزولو مثلا؟

12- هل تتجه جميع شعوب العالم نحو ثقافة أحادية؟

13- هل يمكن مقاومة العولمة؟

القولات:

1- "التحريم الجنسي للأقارب هو نقطة تمفصل الطبيعة والثقافة". ما رأيك؟

2- "لا توجد ثقافة... بل الطبيعة هي التي طورت كل شيء في الإنسان حتى صار على النحو الذي هو عليه...". إلى أي حد يمكن الاتفاق مع هذا الطرح؟

3- "الإنسان كائن ثقافي بطبعه لأنه كائن طبيعي بثقافته". ما رأيك؟

4- "من الخطأ الاعتقاد أن المساواة قانون طبيعي. فالطبيعة لم تخلق الأشياء متساوية. إن قانونها الأسمى هو التبعية". كيف تقيم هذه القولة؟

5- "يتطور البشر بالموازاة مع التحديات التي تواجههم بها الطبيعة". ما رأيك؟

6- "الإنسان الطبيعي، إن جاز هذا التعبير، لا يتحدث عن الطبيعة". حلل وناقش.

7- "لا يمكننا أن نقهر الطبعة إلا بإطاعتها" ما رأيك؟

8- "لا توجد ثقافة أو حضارة في معزل عن الاندثار". علق على هذا القول.

9- "الثقافة هي ما يبقى لدى الإنسان عندما ينسى كل شيء". ما تقويمك لهذا القول؟

10- "المجتمعات الجماهيرية لا تبحث عن الثقافة بقدر ما تبحث عن اللهو". حلل وناقش.

النصوص:

1- "تشمل كلمة "ثقافة" ثلاثة معاني...فهي تستعمل أولا بمعنى تقني من طرف الإثنولوجيين أو مؤرخي الثقافة لجمع كل عناصر الحياة البشرية، التي ينقلها المجتمع...وفي هذا المعنى فإن الثقافة ملازمة للإنسان لأنه لا يوجد إنسان...لا ينخرط في عالم اجتماعي تسمه شبكة معقدة من الاستعمالات والعادات والمواقف التي يحافظ عليها التراث وينقلها...

المعنى الثاني للكلمة هو الأكثر انتشارا. وهو يشير إلى... عدد صغير من المعارف والتجارب المتمثلة، لكنه مشكل...من مجموعة من ردود الفعل الخاصة.

والمعنى الثالث هو الأقل سهولة من حيث التعريف والتوضيح...وهذا المعنى الثالث يلتقي مع المعنى الأول من حيث إنه يركز على الممتلكات أو الخيرات الروحية للجماعة...ويلتقي مع المعنى الثاني من حيث إنه يركز على الممتلكات الروحية للفرد.

وهكذا تقترب الثقافة من الروح أو العبقرية الخاصة بشعب من الشعوب دون أن يكون هذا اللفظ مرادفا لها تماما."

سابير، أنثروبولوجيا.

أي معنى لكلمة ثقافة؟

2- "تتفق نظريات التطور الثقافي على أن الإنسان، في بداية تاريخه، كان مرتبطا بالطبيعة ارتباطا حميميا، وأنه بعد ذلك اضطر تدريجيا إلى الانفصال عنها. لكنها تختلف في تقييم بداية هذا التطور. فالاتجاه الأول يرى أن الإنسان كان سعيدا في حالة الطبيعة، وأنه كلما ابتعد عنها فقد بالتدريج سعادته، وهذا هو الاتجاه الأقدم. أما الاتجاه الثاني فيؤكد عكس ذلك". من الموسوعة الشاملة

هل تعتقد أن الإنسان كان سعيدا في حالة الطبيعة؟

3- "إن ما يطرح مشكلا في تعبير "فطري و مكتسب" ليس لا الفطري ولا المكتسب (إذ يمكن تحديدهما بسهولة) بل هو حرف العطف (الواو) الذي يرمز إلى نوع العلاقة بينهما . لكن هذا العطف الذي هو بمثابة كمين، سيدفعنا إلى الحذر تجاه عملية الجمع التي هي ضرورية في الحياة.

إن الخطأ المنطقي يتعلق هنا بدراسة ظاهرة ناتجة عن العديد من العوامل المتداخلة عن طريق عزل أحدهما بشكل تعسفي عن الآخر. إن فكرنا غير مدرب على التفكير من خلال ألفاظ التفاعل، ويحاول أن يستبدل بنماذج يفعل فيها كل سبب على حدة. وكل المسائل المتعلقة بالفطري والمكتسب هي مسائل من هذا النوع: فهي لا تستحق أي إجابة لأنها تنفي الواقع الذي تزعم أنها تحاول أن تدرسه"

ألبير جاكار، أنا والآخرون.

كيف يتفاعل الفطري والمكتسب في سلوكات الإنسان؟

4- "بالمقارنة مع باقي أنواع المملكة التي ينتمي إليها الإنسان، يبدو الإنسان أكثر الحيوانات ضعفا وعجزا وأكثرها حاجة لغيره وأعظمها اعتمادا على أفراد جنسه. في الواقع إنه الكائن الحي "المحتاج" بامتياز. بهذا المعنى، الإنسان نقلة نوعية حقيقية وجديدة في تاريخ نشوء الأنواع وتطورها، إنه في وقت واحد: من صنع الطبيعة وإنتاجها من جهة أولى، ومنفصل عنها ومنقطع عن آلياتها المعروفة من جهة ثانية."

صادق جلال العظم، ثلاث محاورات فلسفية

ما هو تقييمك لرحلة الإنسان من الطبيعة إلى الثقافة؟

5- "لقد تدرج الإنسان -عبر التاريخ- خطوة خطوة من متوحش إلى عالم. وهذه هي مراحل النمو:

الأولى: الكلام:....لولا الألفاظ لاستحالت نشأة الفلسفة والشعر، والتاريخ والنثر، وما بلغ الفكر ما بلغته براعة أينشتاين أو أناتول فرانس...

الثانية: النار: لأن النار جعلت الإنسان لا يعتمد على المناخ...وجعلت الالآت التي يستعملها صلبة ومتينة...وجعلته سيد الليل...

الثالثة: تدجين الحيوانات: ...الحيوانات الآن ألعوبة بين أيدينا، وهي طعامنا...

الرابعة: الزراعة:...لم يظهر بيت ، ولم تقم مدرسة إلا حين حلت محاصيل الحقل محل حيوانات الغابة المصطادة...واستقر الإنسان في مكان واحد فترة تبلغ من الطول ما يسمح له ببناء البيوت، والمدارس والكنائس، والكليات،...والحضارة. ولكن المرأة هي التي وهبت الرجل الزراعة والبيت... فالرجل هو آخر الحيوانات التي دجنتها المرأة.

الخامسة: التنظيم الاجتماعي: شقت الحضارة طريقها بإحلال النظام محل الفوضى، والعدالة مكان الهمجية، والقانون بدلا عن الإكراه...

السادسة: الأخلاق: ...أصبحنا أرق نوعا مما كنا: فنحن أقدر على الرحمة وعلى الكرم...

السابعة: الالآت:...إننا نضع أذرعة هائلة تبني في شهر الأهرامات التي كانت تستنفذ مليون رجل، ونصنع لأنفسنا عيونا عظيمة تكشف عن النجوم الخفية في السماء وأخرى صغيرة تنفذ إلى دقائق خلايا الحياة. إننا نتكلم...بأصوات هادئة تعبر القارات والبحار. إننا نتحرك على الأرض ونطير في الهواء بحرية الآلهة الخالدين....

الثامنة: العلم...

التاسعة: التربية: إننا ننقل اليوم نقلا محكما إلى الجيل المقبل التجارب التي تجمعت عن الماضي...

العاشرة: الكتابة والطباعة:... لقد وهبت الكتابة لثمار العقول نوعا جديدا من الدوام، إذ حفظت آلافا من السنين... لقد ربطت الكتابة بين الأجيال بالتراث المشترك، وخلقت تلك المملكة المسماة دولة العقل..."

ول ديورانت، مناهج الفلسفة

ما هي المراحل الحاسمة في تطور الإنسان من الطبيعة إلى الثقافة؟

6- "...ليس هناك صراع حضارات، هناك صراع الحضارة الغربية مع نتاجها. والظاهرة التي نشاهدها اليوم كظاهرة عالمية ليست عالمية إسلامية، بل هي عالمية بمعنى أنها تابعة لعالمية العولمة أو الإمبريالية، وبعبارة أعم تابعة للتاريخ العالمي للحضارة الغربية. وما سيحدث في هذا الإطار، هو من مخلفات الحرب الباردة. - ما حصل هو أنهم عمقوا الـ "لا-عدل"، الذي هو الظلم، فكان لابد أن ينقلب هذا إلى ما انقلب إليه. و القضية ليست قضية هذا الدين أو ذاك بل هي قضية وضعية تجعل الإنسان ينظر إلى العقيدة أو الدين من وجهة نظر خاصة. ليست العقيدة هي التي تصنع الناس (فتجعل من هذا "إرهابيا" ومن ذاك مسالما)، بل إن وضعية الإنسان هي التي تدفعه إلى اختيار نمط معين من الفهم للعقيدة وللتاريخ. - العنف والإرهاب في قنوات التلفزة… ولو أنه غير مباشر فهو مؤثر ومتواصل! الحضارة الغربية الآن هي حضارة تحدٍّ، لا يهمها إلا الاستهلاك! ووسائل الإعلام أصبحت وسائل لنشر الاستهلاك، هي لا تنتج المعرفة وإنما توزع وتنشر نوعا خاصا من المعرفة، وفي هذا كله علاقة قوى غير متكافئة."

محمد عابد الجابري، مجلة فكر ونقد

هل ترى أن صراع الحضارات واقع حتمي؟

7- " لقد أصبحنا ننهل من ثقافة جارية نحو التوحيد: نتغذى الغذاء ذاته، ونرى الصورة عينها، وننفعل الانفعال نفسه. أصبحنا موحدي المظاهر والأذواق والإحساسات والانفعالات. ولا يمكن أن نستثني جهة أو بلدا يكون موجها للعبة متحكما فيها، واعيا بخفاياها، حائكا لخيوطها. فكلنا في النمطية الثقافية سواء.

ليس الصراع اليوم إذن بين معسكرات سياسية ولا بين مناطق جغرافية، وبالأولى ليس بين آلهة الخير وشياطين الشر، إنه ليس حتى صراعا بين داخل وخارج، وإنما بين ثقافتين تتجسدان في الموطن الواحد، بل وعند الفرد الواحد هما ثقافة الحداثة وثقافة التقليد. ذلك أن مواجهة الآخر غدت اليوم أيضا مواجهة مع الذات، لأن مظاهر الحداثة تتخذ اليوم طابعا عضويا وتهاجم التقليد في عقر داره.

إضافة إلى ذلك فإن طرفي الصراع – الحوار لا يشكلان اليوم طرفين قارين ساكنين جاهزين ويدخلان فيما بعد في مواجهة بينهما. ذلك أن ثقافة الحداثة هي انسلاخ دائم عن ثقافة التقليد. إنها حركة انفصال دائبة نحو خلق شبكات مقاومة تحاول الانفلات من التنميط وتسعى نحو خلق الفروق وإحداث الاختلافات.

ولا يمكن لهذه الشبكات أن تنصب من نفسها قوة "تقف" إلى جانب الخير فتعلنها حربا على قوى الشر وإنما تتشابك في علاقة مع ذاتها لذا فإن نقاط ارتكازها تغدو "باطنية" افتراضا بأن كل ثقافة هي وعي ولا وعي، حداثة وتقليد، نمطية وانفلات عنها.

عبد السلام بن عبد العالي، مجلة فكر ونقد

ما هي طبيعة الصراعات في العالم المعاصر؟

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité
الموقع غير الرسمي لثانوية عبد الرحمان زكي التأهيلية
Derniers commentaires
Archives
Newsletter
الموقع غير الرسمي لثانوية عبد الرحمان زكي التأهيلية
  • التلميذ كائن بشري متكامل يتميز بقدرة فائقة على خط تصميم مدقق صادر عن قرارة نفسه عبره يقدم مقاربة متماسكة حول مسيرته الدراسية............الاستنتاج الرئيسي هو ان كل تلميذ في مستطاعه ان يقرر مصيره دون تعقيدات التوجيه
  • Accueil du blog
  • Créer un blog avec CanalBlog
Catégories
Publicité